ضياع أنثى إيتاليكا - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


ضياع أنثى
إيتاليكا - 07\10\2009
في كل مرة ألقاه فيها، أجدني أتمسك بحلمي بقوة أكثر، وأركض خلفه بلهفة أكثر.
هنا كان لقاؤنا الأول.. هنا كان حديثنا الأول.. لكن ليس هنا كان وداعنا الأول...
المشكلة ليست أنهم يكذبون! بل أننا نحن أنفسنا نريد تصديق كذبهم. في تلك الليلة بكيت جداً. بكيت حتى فاضت دموعي وفاضت رغبتي في داخلي. رغبتي في التخلص منك ومن كل وجع سببته لي. رغبة في الرقص! رقص لا يشبه الرقص الذي اعتدت أداءه. رقصة قد أدهش نفسي فيها. انتفضت مسرعة نحو الصالة الكبيرة. أبعدت الأثاث من حولي. رميت حذائي بعيدا. حررت شعري. أمسكت بيدي كأسا مليئة بأحمر النبيذ المعتق. وقفت في المنتصف. شربت الكأس دفعة واحدة. وعلى أطراف أصابعي بدأت رقصتي.
في أركان الصالة الصغيرة عبرت عن استيائي. ركضت بسرعة الريح من مكان إلى آخر، وصرختي تملأ فضاء المكان. حطمت بعنف كل الأشياء التي اعترضت طريقي، ودرت في مكاني مرات ومرات. درت حول نفسي، ودارت دموعي حولي. رقصت بقوة حتى جفت دمعتي الأخيرة. وقفت مكاني. نظرت إلى سمائي. تنفست عميقا، وضحكت. ضحكت حتى ضج المكان واختلط صدى ضحكي بالضجيج. ضحكت كمن فقد عقله.. إلى أن شفيت تماما..
أمضيت بعدها أيامي كأنني مولود جديد لم يعرف الفشل على الإطلاق. ولم أكن أتخيل أنني أمتلك هذه القدرة الهائلة على التحمل. شهر مر دون أن أفكر فيه، وخيّل لي أنني لم يسبق أن عرفته.
تابعت حياتي بشكل طبيعي. كأن شيئا لم يكن. عدت إلى صديقاتي. استعدت عملي. وصرت أقصد أماكن لطالما أحببت زيارتها، وكنت قد هجرتها لأجله.
اتفقت وصديقاتي بالقيام بنزهة قصيرة في الجوار، وفي طريق عودتي من العمل. كان الجو حارا قليلا، والطريق مزدحمة جدا، وأنا على عجلة من أمري، ولمحته..
يمشي على الجهة الأخرى من الشارع دون أن يلحظني. توقفت مركبتي مكانها، وأحسست أن العالم كله توقف تضامنا معي.
قفز قلبي في صدري. ارتعشت يداي. وشعرت ببرد شديد يعتريني. ويعريني من ثوب لم يكن يليق بي بالأساس. أعادني فترة لا بأس بها من ذاكرتي..
لم أكن أتخيل أن حنيني إليه سيجرفني بقوة التيار الشتوي، بمجرد أن أشتم عطره المخملي. لم أكن أتخيل أني سأصفح عنه بهذه السرعة، وأنني سأضعف إلى هذا الحد...
استعدت وعيي بعد أن تجاوزتني كل السيارات، وسط استياء سائقيها من وقفتي الغير منطقية، وكأنهم يدركون ما هو المنطق! نسيت أمر النزهة وأمر صديقاتي. شغلت المحرك وانطلق مسرعة خارج البلدة. ركنت العربة جانباً ومشيت. لست أدري إلى أين! لكن بركاناً كان قد تفجر فيّ، ولم أعرف كيف سأخمده؛ بقدر ما كان يؤلمني. تابعت سيري مبتعدة حتى صرت وحيدة، وأطلقت صرخة دوت في كل اتجاه، خرجت من أعماق قلبي...